المعرفة جهود أجيال تستمر
جلسة يوم 30/12/2009م الموافق ليوم 13 محرّم 1431هـ
السادة الأساتذة الكرام، إخواني الأعزّاء، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
لقد كان حديثنا في الأسبوع الماضي الكتاب الذي وفّقني اللهُ إلى إنجازه وطبعه خدمةً لكتاب الله تعالى، ونشرًا للقرآن العزيز الذي أمرنا اللهُ تعالى بتلاوته وتدبّره. والكتاب هو مختصر تيسير التفسير للشيخ الجليل الحاج امحمّد بن يوسف اطفيش رحمه الله.
وكان حديثُنا مستفيضًا عن أهميّة هذا العمل، والأسباب الداعية إليه.
والحديث ذو شجون كما تقول العرب، والشيءُ بالشيء يذكر؛ أَعْرضُ عليكم بالمناسبة نصًّا لعميد الأدباء عمرو بن بحر الجاحظ المتوفّى سنة 255هـ/ 868م.
يحثُّ في هذا النصّ على الكتابة والتأليف والقراءة والمطالعة، ويقول عن الكسالى الذين يقولون: لم يترك الأوّلون شيئا -فيما نُقل عنه- قائلا:
«إذا رأيت شخصًا يقول ما ترك الأوّل للآخر شيئًا، فاعلم أنّه لا يريد أن يُفلح.».
المعرفة جهود أجيال تستمرّ
« يذهبُ الحكيمُ وتبقى كتبُه، ويذهبُ العقلُ ويبقى أثرُه.
ولولا ما أودعتْ لنا الأوائلُ في كتبها، وخلّدَت من عجيب حِكْمَتها، ودوّنتْ من أنواع سيَرها، حتّى شاهدنا بها ما غاب عنّا، وفتحنا بها كلَّ مُسْتغلَقٍ كان علينا، فجمعْنا إلى قليلنا كثيرَهم، وأدركْنا ما لم نكن نُدْركُه إلاّ بهم، لَخَسَّ حظُّنا من الحكمة، ولَضعف سَبَبُنا إلى المعرفة.
ولو لجأْنا إلى قدْر قوّتنا، ومبلغ خواطرنا، ومنتهى تجارُبنا لِما تُدركُه حواسُّنا وتشاهدُه نفوسُنا، لَقلَّتْ المعرفة، وسقطت الهِمّةُ، وارتفعت العزيمة، وعاد الرأْيُ عقيمًا، والخاطرُ فاسدًا، ولَكَلَّ الحَدُّ وتَبَلَّدَ العقلُ.
وينبغي أن يكون سبيلًُنا لِمَنْ بعدنا كسبيلِ مَن كان قبلنا فينا، على أَنَّا قد وجدنا من العبرة أكثر ممّا وجدوا، كما أنّ مَن بعدنا يجدُ من العبرة أكثر ممّا وجدنا.». (الحيوان، الجزء1).
فعلى الحكيم أن يخلّد حكمته، وعلى العاقل أن يُبقي أثر عقله بعده، هذه سُنّة الله في الحياة.
|
ولولا الأوائل وتخليدهم ما وصلوا إليه، لبدأ الإنسانُ في كلّ مرّة من الصفر. والثقافة بنيان يسموا ويكبر بالتعاون، وكلٌّ يسهم فيه بلَبِنة، فلينظر كلٌّ ما نصيبه في بناء صرح الثقافة الإنسانية.
ملاحظـة:
الكتاب الجديد “سيَر الوسياني” لا زال أمامنا يطلب منّا اقتباس شيء منه.
مثلاً يمكن أن نأخذ الحادثة الشرعية في ج2، ص538 في حصّة من الحصص «روايات أبي خليل صال من أهل إيدركل».
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.