التربية المكتبية
الجلسة الرابعة: 25 جانفي 2017م الموافق ليوم: 26 ربيع الثاني 1438ه
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة، والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.
أساتذتي الفضلاء، إخواني الكرام، محبّي مجالس الذكر والكتاب، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، شيخنا الجليل في شغل بارك الله فيه، اخترت لإطلالة اليوم موضوع القراءة والمقروئية. “القراءة هي التي تقول لنا: هنا وقف أسلافنا … هنا وصل العالم من حولنا … من هنا يجب أن نبدأ، كي لا نكرّر الجهود التي سبق أن بذلها الآخرون، ولا نعيد التجارب التي مرّوا بها، ولا نرتكب الأخطاء التي ارتكبوها”.
التربية المكتبية تقف بالقارئ المبتدئ على أوّل سلم المعرفة، لتجعل منه قارئا واعيا، يمشي إلى حقول العلم خطوة خطوة، وتجيب عن أهمّ ثلاثة أسئلة في عملية القراءة الشاملة: لماذا أقرأ؟، وماذا أقرأ؟ وكيف أقرأ؟
كانت الحضارة الإسلامية في دمشق وبغداد وتيهرت وقرطبة صرحا علميا ومعرفيا لا مثيل له في تاريخ الإنسانية، حيث بلغت دور النشر والطباعة في أحد شوارع بغداد أكثر من 200 دار نشر وطباعة، وأسّست دار الحكمة التي ضمّت الكثير من الكتب المترجمة في الهندسة والطب والآداب، وكذا مكتبة المعصومة في تيهرت أيام الرستميين
فلننظر إلى الأمم المتحضرة، اليوم، كيف تشكل القراءة جزءا من وجدانها وأساس نهضتها، حيث أنّ 94 % من اليابانيين يفضلون قراءة الكتب الورقية بدلا من الكتب الإلكترونية، و87 % منهم يفضلون اقتناء الكتب من المحلات والمكتبات المخصّصة لبيع الكتاب، و37 % منهم يفضلون شراء الكتب المستعملة، ويعتبر الإنفاق على شراء الكتب البند الثاني بعد الإنفاق الصحّي في قائمة أولويات الإنسان الياباني.
الكوريون من أكثر الشعوب الآسيوية إدمانا على القراءة والمطالعة، سنة 2004م حقّقت نسبة المطالعة بين صفوف المواطنين 90 % ، وقد أثار الرقم ضجّة كبيرة في أوساط الأكادميين والمهتمين بشؤون التعليم باعتباره مؤشرا ضعيفا.
في سنة 2003م أقامت مكتبة سينغفورة الوطنية استطلاعا للرأي لمعرفة مستوى انتشار المطالعة بين صفوف المواطنين، أظهرت أنّ 52 % منهم يقرؤون فقط من أجل متعة القراءة، وليس من أجل التعليم والأمور المهنية.
تشير الإحصائيات المتعلقة بمؤشر المطالعة في دول العالم الإسلامي والعربي بشكل خاص إلى خلل عميق قد يكون له الأثر البالغ في رسم مستقبل حالك لهذه المجتمعات، فتقرير التنمية البشرية الصادر عام 2011م عن ” مؤسّسة الفكر العربي ” أوضح أنّ العربّي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويا، بينما يقرأ الأوربي بمعدل 200 ساعة سنويا، وهذا يوضح لنا مدى الكارثة الثقافية والعلمية التي يعيشها المواطن العربي مقارنة بمواطنين في الدول الأخرى، كما يؤكد وجود هوّة ثقافية شاسعة بين الثقافتين، لا تختلف بقية الدول الإسلامية كثيرا عن هذا الوضع فالكلّ تخلى عن لواء القراءة التي كانت أساس نهضة هذه الأمّة أمّة ” اقرأ “.
Categories: ضيف الموقع, ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.