أصدافّ الدرّ وأكمام الزهر على سورة العصر
الجلسة العاشرة: 13/03/2014م الموافق ليوم 12 جمادى الأولى 1435هـ
أيّها السادة الحضور، أيّها الأصدقاء، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
العرب تقول: الحديث ذو شجون. حدّثتكم في الجلسة الماضية عن سبعة كتب أهديت إليّ من طرف الأساتذة الذين قصدوا السلطنة العُمانية بمناسبة المعرض الذي أُقيم في أواخر فيفري بمسقط.
وأرجو أن أكون قد أفدتكم ببعض ملاحظاتي عن تلك الكتب. كما أتمنّى لندوتنا أن لا تكون هامشية عن التيار العامّ للثقافة والكتاب، ولو إلى حدّ ضعيف.
أيّها الأصدقاء، أَعْطِفُ جلستنا هذه إلى الجلسة السابقة، فأحدّثكم عن كتيّب صغير جدّا وهامّ جدّا من كتب التراث.
الكتاب يسمّى “أصدافّ الدرّ وأكمام الزهر على سورة العصر”، قمتُ بتحقيقه وإخراجه سنة 2004م، وقمتُ بتقديمه بكلمة هامّة جدّا لها علاقة بما نعيشه في عصرنا هذا.
كما أردت بذلك أيضا أن أعرّفكم بمجهود هذا الشيخ الجليل في خدمة القرآن والفقه بالخصوص. فذلكم هو الشيخ عمّنا إبراهيم بن بِحْمانْ الثميني رحمه الله وطيّب ثراه، المتوفّى سنة 1232هـ/ 1817م.
مقدّمة المحقّق.
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.
كُنتُ أتصفّح بعض الأوراق القديمة من التراث وغيره، فظفرت على هذه الوريقات التي كتبها الشيخ الحاج إبراهيم بن بِيحْمانْ الثميني رحمه الله بخطّه، تفسيرًا لسورة العصر.
وقد خصّها الشيخ بتعليق لِما تشمل عليه السورة من توجيهات إلهية للمسلمين كي لا يشملهم الخسران الذي يعمّ بني آدم إلاّ مَن استثناهم الله.
والحقّ أنّ السورة من جوامع الكلِم مع قصرها: فيها الدعاء إلى منهجية إسلامية تضمن لمن يسير حسب مقتضاها سلامة الدين والدنيا.
فقلتُ: لِمَ لا نعمل على نشر هذه الوريقات التي كتبها الشيخ، وإخراجها للناس لعلّهم يستفيدون منها، وتكون لهم عونا على الثبات على النهج الصحيح والطريق السويّ في زمان كثُرت فيه الدعوات وتعدّدت الآراء واختلفت المقاصد والاتّجاهات.
زمان أصبح فيه سكّان الأرض على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم كأنّهم يسكنون في بيت واحد، كلّ واحد منهم يحاول أن يجرّ إليه أخاه بالتي هي أحسن، أو بالتي هي أخشن وأرعن.
لا نستريح من فتنة رأيٍ حتّى تنجم أخرى.
فلعلّ القارئ يجد فيها ما ينير له السبيل وينقذه من الحيرة أو الذوبان.
نعم، لقد كتبها الشيخ على نهج يخالف بعض الشيء النهج الذي يسير عليه الدعاة والمرشدون في وقتنا الحاضر، فطريقتهم في طرح المشاكل ووصف الأدواء والدعوة إلى سواء السبيل.
ولكن مع ذلك إنّني على يقين من أنّ القارئ البصير يجد فيها ما ينير له السبيل، وينقذه من الشكّ واختلاف الآراء وتعدّد السبل.
فالقرآن الكريم دائما نور يهدي الله به الناسَ، ويخرجهم به من الظلمات إلى النور، وسيبقى الحصن الحصين لأمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وإن اختلفت طريقة تناوله وبيانه للناس، وتعدّدت مناهجه.
والله من وراء القصد
بني يزقن، 25 جويلية 2004م.
إبراهيم محمّد طلاّي
التعريف بالشيخ المؤلّف.
وللتعريف بالشيخ لا أجد أقصر ولا أوفى ممّا ورد عنه في معجم أعلام الإباضية.
إبراهيم بن بيحْمانْ بن أبي محمّد بن عبد الله بن عبد العزيز الثميني اليسجني (توفّي سنة 1232هـ/ 1817م).
من علماء بني يزقن البارزين، أخذ العلم عن خاله الشيخ عبد العزيز الثميني (المتوفّى سنة 1223هـ/ 1808م)، وعن الشيخ أبي زكرياء يحي بن صالح الأفضلي (المتوفّى 1202هـ/ 1788هـ).
وهو من أنصار النهضة الإسلامية الحديثة والدعاة لها بالخطب والوعظ والإرشاد، فكان ينتقل بين مدن وادي ميزاب يدعو إلى العلم ويحارب الجهل والبدع.
وله تلاميذ كثيرون، وكانت له صِلاة كثيرة بعلماء الجزائر والمغرب وعُمان، فكان يراسل الإمام سليمان بن عبد الله إمام سلطنة عُمان. كما أنّ له مراسلات البايات والدايات والأتراك باسم مجلس عمّي سعيد الذي كان كاتب تقاريره…
وهو شاعر أيضا تمتاز قصائده بقيمتها التاريخية وإن لم يرق إلى مستوى الشعر الجيّد من الناحية الأدبية.
له مؤلّفات عديدة، نذكر منها:
- تفسير آيات النور من سورة النور، مخطوط.
- تفسير سورة الفاتحة، مخطوط.
- تفسير سورة العصر، وهو بين يديّ.
- حاشية على تفسير البيضاوي، مخطوط غير تامّ.
- شرح موازين القسط لأبي مهدي عيسى بن إسماعيل، مخطوط.
- الرحلة الحجازية نثرا ونظما، قام بتحقيق ونشر نصّها الأستاذ النبيه يحي بن بُهون حاج امحمّد.
- شرح مجموعة من الأحاديث، مخطوط.
- تلخيص عقائد الوهبية في نكتة توحيد خالق البريّة، مخطوط.
وكان يملك مكتبة ثريّة من نفيس المخطوطات، انتقلت بعد وفاته إلى حفيده عبد الله بن محمّد بن إبراهيم.
Categories: ندوة الإربعاء
Sorry, comments are closed for this item.