موقع الشيخ طلاي

Menu

كتاب الأذكياء – ابن الجوزي (2)

الجلسة العاشرة: 18مارس2015م الموافق ليوم: 27جمادى الأولى1436هـ

أيّها الأساتذة الكرام،

أيّها السادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جلستنا في هذه الأمسية ستكون من نفس الكتاب الذي اطّلعنا عليه في الجلسة الماضية بعنوان “الأذكياء”، لأبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي المتوفّى سنة 597هـ/ 1201م.

وقد اخترنا مقتطفات من الباب الأخير الثالث والثلاثون في ذكر ما ضربته العرب الحكماء على ألسنة الحيوانات.

واليوم نقتبس شيئا من الباب الثالث والعشرين في احترازات الأذكياء، ص107.

قال عبد الواحد بن نصر المخزومي: أخبرني من أثق به أنه خرج في طريق الشام مسافرًا يمشي وعليه مرقّعة، وهو في جماعة نحو ثلاثين رجلا كلّهم على هذه الصفة، فصحِبنا في بعض الطريق رجلٌ شيخ حسن الهيئة، مَعَهُ حمار فارِه يركبه، ومعه بغلان عليهما رجل وقماش ومتاع فاخر، فقلنا له: يا هذا إنّك لا تفكّر في خروج الأعراب علينا فإنه لا شيء معنا وأنت لا تصلح لك صحبتنا مع ما معك؟ فقال: يكفينا الله. ثم سار ولم يقبل منّا، وكان إذا نزل يأكل استدعى أكثرَنا فأطعمه وسقاه، وإذا عيي الواحد أركبه على أحد بغليْه، وكانت جماعة تخدمه وتكرمه وتتدبّر برأيه إلى أن بلغنا موضعا، فخرج علينا نحو ثلاثين فارسا من الأعراب، فتفرّقنا عليهم، ومانعناهم، فقال الشيخ: لا تفعلوا؛ فتركناهم ونزل فجلس وبين يديه سفرته ففرشها وجلس يأكل، وأظلّتنا الخيل، فلما رأوا الطعام دعاهم إليه فجلسوا يأكلون، ثم حَلَّ رَحْلَه وأخرج منه حلوى كثيرة وتركها بين يدي الأعراب، فلمّا أكلوا وشبعوا جمدت أيديهم وخدرت أرجلهم ولم يتحركّوا، فقال لنا: إنّ الحلوى مبنّج أعددته لمثل هذا، وقد تمكّن منهم وتمّت الحيلة، ولكن لا يفكّ البنج إلاّ أَنْ تصفعوهم، فافعلوا فإنّهم لا يقدرون لكم على ضرر وسير، ففعلوا، فما قدروا على الامتناع فعلمنا صدق قوله، وأخذنا أسلحتهم وركبنا دوابّهم وسِرنا حواليه في موكبٍ، ورماحهم على أكتافنا وسلاحهم علينا، فما نجتاز بقوم إلا يظنّونا من أهل البادية، فيطلبون النجاة منّا حتى بلغنا مَأْمَننا.

حدّثنا أبو محمد عبد الله بن عليّ المقري قال: دفن رجل مالاً في مكان وترك عليه طابقا وترابا كثيرا، ثم ترك فوق ذلك خرقة فيها عشرون دينارا وترك عليها أترابا كثيرا ومضى؛ فلمّا احتاج إلى الذهب كشف عن العشرين فلم يجدها، فكشف عن الباقي فوجده، فحمد الله على سلامة ماله، وإنّما فعل ذلكخوفا أَنْ يكون قد رآه أحد، وكذلك كان؛ فإنّه لما جاءه الذي رآه وجد العشرين فأخذها ولم يعتقد أنّ شيئا آخر.

وقال بعضهم: خرجت في الليل لحاجة فإذا أعمى على عاتقه جرّة وفي يده سراج، فلم يَزَلْ يمشي حتى أتى النهر وملأ جرّته وانصرف راجعا، فقلت: يا هذا أنت أعمى والليل والنهار عندك سواء، فقال: يا فضولي حملتُها معي لأعمى القلب مثلك يستضيء بها فلا يَعْثُرُ بي في الظلمة فيقع عليّ فيكسر جرّتي.

Categories:   ندوة الإربعاء

Comments

Sorry, comments are closed for this item.