موقع الشيخ طلاي

Menu

حديث الإثنين – الشيخ محمد الغزالي

الجلسة الحادية عشرة:25مارس2015م الموافق ليوم: 5جمادى الثانية1436هـ.

أيها السادة الحضور، أيّها الأساتذة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

حديثنا في هذه الأمسية سيكون إطلالة من كتاب هامّ، ولِـم لا يكون هاما وهو من كُتب الشيخ المرحوم محمّد الغزالي الداعية إلى الإسلام الصافي من الشوائب والخلفيات.

اسم الكتاب “حديث الاثنين”.

أيها السادة، الكتاب عبارة عن أحاديث متلفزة ومذاعة في إذاعة الجزائر الوطنية من سنة1987 إلى 1989.

تنازل عن حقوق طبعها وإذاعتها وترجمتها لمختلف اللغات لمنظمة المعاقين حركيا في الجزائر.وكان ذلك بواسطة الأستاذ عبد القادر نور، وشهادة الأستاذ محمد الهادي الحسني.

أختارُ من هذه الأحاديث في هذه الأمسية حديث الاثنين السادس “الدعاء“، والكتاب فيه ثلاثون حديثا عدا المقدمات والملاحظات.

أيها الإخوة السلام عليكم ورحمة الله.

هل يستغني رئيسٌ أو مرؤوس، أو غنيّ أو فقير، أو صحيح أو مريض عن الله سبحانه وتعالى في أيّة ساعةٍ من ساعات العمر؟ لا… (يَآ أَيـُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ اِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر: 15.

الناسُ جميعا يحتاجون إلى الله حاجة ملحّة، والناسُ إذا لا استغنى أحدهم عن الله لحظة، هو قادر أن يسلبه حياته، وأن يوقف قلبه، وأن يحرمه التوفيق، ولكنَّ الله سبحانه يدَعُ العباد إلى حين، ويختبرهم في هذه الدنيا الاختبار الطويل الذي يتحقّق فيه عجزهم، وتظهر فيه عبوديَّتهم، والناس كما قال الشعراء:

كلهم سائل وأنت مجيب  تلك نُعماك ما لها من نفاد

طبيعةُ العباد كلِّهم أنّهم عبيدٌ عند المولى الكبير، وكما جاء في الحديث القدسي: «يا عبادي كلُّكم جائع إلا من أطعمتُهُفاستطعموني أطعمْكم، يا عبادي كلُّكم عارٍ إلا من كسوْتُه فاسْتكسوني أكسُكم». العبادة لله أساسها أنأُكثر من الصلاة له ومن دعائه، أدعو ربي وأسأله كلّما أريد، الدعاء تعهّد الله تبارك اسمه بأن يجيبه. وهنا لا بدّ من لفت النظر إلى أمور، فكثيرا ما يدعو الإنسان ويرى أنه لم يُجب. والحقيقة أنّ الإنسان يجب أن يعرف طبيعة هذه الدنيا وطبيعة الاختيار الألهي الذي يمر به، فإنّ هذا الاختبار لا يعرف الإنسانُ مداه ولا يدري حقيقتَه، وشعور الإنسان كثيرا ما يكون خطأ أو كثيرا كذبا عندما يتمنّى الإنسان شيئا يعتقد أنه في مصلحته، ثمّ يتبيّن للناس ويتبين له أنه ما كان في مصلحته قطّ، وقد وضّح الشارع هذه الحقيقة في قوله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىآ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىآ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة:216.

هذه طبيعة الإنسان(وَيَدْعُ الاِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ, بِالْخَيْرِ وَكَانَ الاِنسَانُ عَجُولاً)الإسراء: 11.

وأحبّ أن أقول لإخواني من تجاربي أنا الخاصة، أقول لهم: إنّ خير ما بلوته في حياتي وأحسستُ في دنياي هو من قَدَر الله الذي ساقه إليَّ وكنتُ أكرهه، دعوتُ بأمور ظننتها الحقّ وظننتها المصلحة وحرمني الله هذه الأمور، ثم تبين لي بعد زمن طويل أو قصير أن السعد والمجد والخير والنفع في قَدَر الله. ولو أني أُجبتُ إلى ما طلبتُه لكان في ذلك إمّا مَصْرعي، وإمّا تأخري، وإمّا شقائي، وإمّا ما لا أُطيق من بلاء في هذه الدنيا.

من هنا أقول للناس: ما جاء في الحديث الشريف: «إن عهدا بين الله وعباده أن يجيبهم إلى ما يدعون إليه»،(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ) غافر: 60.

هذا وَعْدٌ إلهي لا شكّ فيه، ومن هنا يجيء الحساب في الدار الآخرة، يستوقف الله عبده في الدار الأخرى، يقول تعالى: لقد قلتُ لك ولإخوانك من الناس(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمُ)، دعوتَ يوم كذا فكشفتُ عنْك غَمَّك وأجبتُك إلى ما تريد، أليس كذلك؟ بلى يا رب. ودعوتَ يوم كذا فلم أُجِبْكَ، دفعتُ عنكَ من الشرِّ بِقَدْرِ ما دعوتَ من الخير، وادّخَرْتُ لك هذا لهذا اليوم؛ ولا يزال يحاسبه على كلّ دعاء دعا به، لأنّ الدعاء لا يسقط…أنت تدعو عظيما، تدعو كريمًا، تدعو مَنْ أَصْدقُ من الله حديثا، هو الصادق، فإذا قال ادْعوني أَسْتجِبْ لكم فهو الصادق، لكنّك تدعو تريد الخير، فإذا كنتَ لا تعرف الخير فحقَّقَه لك فهو الآن يكشفه لك، إنما دعوتَ به ثم لم تُجبْ إليه سَتَرَك وكَشَفَ عنك من الغم وادَّخر لك في آخرتك كلَّ دعاء دعوتَه، ولم يتحقّق لك حتى جاء فيا حديث: «إن العبد يتمنى في هذه الساعة أنْ لو لم تُعجَّلْ له الإجابة في هذه الدنيا وادَّخَرَ كلَّ ما طلبه في الدار الآخرة». هذا يعطينا أنّ الإجابة محقَّقة وأنّ الدعاء لا يأتي إلا بخير.

Categories:   ضيف الموقع

Comments

Sorry, comments are closed for this item.